سورة الطور - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطور)


        


{أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15)}
{أَفَسِحْرٌ هذا}؟ توبيخ للكفار على ما كانوا يقولونه في الدنيا من أن القرآن سحر {أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ} توبيخ أيضاً لهم، وتهكم بهم أي هل أنتم لا تبصرون هذا العذاب الذي حل بكم كما كنتم في الدنيا لا تبصرون الحقائق؟


{اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)}
{فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ} ليس المراد بذلك الأمر بالصبر ولا النهي عنه، وإنما المراد التسوية بين الصبر وعدمه في أن كل واحد من الحالين لا ينفعهم، ولا يخفف عنهم شيئاً من العذاب {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} هذا تعليل لما ذكر من عذابهم، وليس تعليلاً للصبر ولا لعدمه كما قال بعض الناس.


{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}
{فَاكِهِينَ} يحتمل أن يكون معناه أصحاب فاكهة، فيكون نحو لابن وتامرٌ صاحب لبن وصاحب تمر أو يكون من الفكاهة بمعنى السرور {وَوَقَاهُمْ} معطوف على قوله: {فِي جَنَّاتٍ} أو على آتاهم ربهم، أو تكون الواو للحال {كُلُواْ واشربوا} أي يقال لهم: كلوا {هَنِيئَاً} صفة لمصدر محذوف تقديره: كلوا أكلاً هنيئاً، ويحتمل أن يكون وقع موقع فعل تقديره: هنأكم الأكل والشرب {بِحُورٍ عِينٍ} الحور: جمع حوراء وهي الشديدة بياض بياض العين وسواد سوادها، والعين جمع عيناء وهي الكبيرة العينين مع جمالها، وإما دخلت الباء في قوله: {بِحُورٍ} لأنه تضمن قوله: {وَزَوَّجْنَاهُم} معنى قرناهم، قاله الزمخشري وقال: {إِنَّ الذين آمَنُواْ} معطوف على {بِحُورٍ عِينٍ} أي قرناهم بحور للتلذذ بهن، وبالذين للأنس معهم. والأظهر أن الكلام تمّ في قوله: {بِحُورٍ عِينٍ} ويكون {والذين آمَنُواْ} مبتدأ خبره {أَلْحَقْنَا} عَذَابَ.
{والذين آمَنُواْ واتبعتهم ذُرِّيَّتُهُم} معنى الآية ما ورد في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه» فذلك كرامة للأبناء بسبب الآباء، قيل: إن ذلك في الأولاد الذين ماتوا صغاراً، وقيل: على الاطلاق في الأبناء المؤمنين، وبإيمان في موضع الحال من الذرية، والمعنى أنهم اتبعوا آباءهم في الإيمان، وقال الزمخشري: إن هذا المجرور يتعلق بألحقنا، والمعنى عنده بسبب الإيمان ألحقنا بهم ذريتهم، والأول أظهر، فإن قيل: لم قال بإيمان بالتنكير؟ فالجواب: أن المعنى بشيء من الإيمان لم يكونوا به أهلاً لدرجة آبائهم، ولكنهم لحقوا بهم كرامة للآباء، فالمراد تقليل إيمان الذرية ولكنه رفع درجتهم، فكيف إذا كان إيماناً عظيماً {وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} أي ما أنقصناهم من ثواب أعمالهم بل وفينا لهم أجورهم، وقيل المعنى: ألحقنا ذريتهم بهم، وما نقصناهم شيئاً من ثواب أعمالهم بسبب ذلك، بل فعلنا ذلك تفضلاً زيادة إلى ثواب أعمالهم، والضمير على القولين يعود على الذين آمنوا، وقيل: إنه يعود على الذرية {كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ} أي مرتهن، فإما أن تنجيه حسناته، وإما أن تهلكه سيئاته.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8